أطفالنا بين مطرقة المدرس وسندان الحرب المدمرة

يتسابقون في ساحات المدرسة، يلعبون ، ينادون على بعضهم بأصواتهم الناعمة ،هنا مجموعة من البنات وهناك مجموعات من الذكور ترافقهم الضحكات العالية تكاد أجسامهم تلامس الأرض من ثقل الحقائب المدرسية التي كانوا يحملونها, تنظر في عيونهم ترى براءة الأطفال والى جانب ذلك تجد الكثير من الحزن والخوف فيها.
نعم هم أطفال منطقة العطاطرة والسلاطين، أكثر المناطق المدمرة و التي تعرضت لأبشع أنواع الدمار و التخريب ، الذي لم يستثنى أحد من البشر أو الحجر خلال العدوان علي قطاع غزة.
حيث اننى قمت وفريق العمل للمركز المؤقت لرعاية الأسرة والطفل التابع للمعهد بزيارة ميدانية للأطفال داخل المدارس وذلك ضمن الإطار التربوي الإعلامي بين المعهد و مؤسسات المجتمع المحلى وذلك لتهنئتهم بالعام الدراسي الجديد وبحلول شهر رمضان المبارك.
ولم يكن ذلك السبب الأهم ولكن السبب الأهم هو ما سمعته من خلال عملي ” كمشرفة تربويه ” في المركز من الأطفال والذين كنت اجلس معهم وباستمرار من الذكور و الإناث .
بدأنا نتجاذب الحديث عن المدرسة و أجوائها الجديدة و التحضيرات و المشتريات التي قاموا بها وأشياء أخرى.هم يعيشون في معاناة حقيقية بين الظروف الاقتصادية الصعبة بعد فقد مصادر الرزق لمعيليهم وبين المدرسة وتعقيداتها والجلادين الذين هم فيها “عذرا على التشبيه – ولمن لاتنطبق عليهم تلك الصفة”
بات الكثيرين منهم يذهب إلى المدرسة بالملابس القديمة وبدون قرطاسيه وبدون مصروف ولن ننسى العصا الطويلة التي ترافق المدرس/ة و التي تكاد تكون بنفس طوله ناسيا أو متناسيا ما حدث لهؤلاء الأطفال وأنهم لا يزالون تحت تأثيرات الحرب النفسية التي سرعان ما تستدعى عند سماع صوت الطائرات الحربية أو أصوات الإسعاف أو سيارات الدفاع المدني أو أي انفجار مهما كان المسبب أو نوع هذا الصوت أو قوته كانت قد استوقفتني أحاديثهم وعباراتهم المؤلمة مثل
 ” بدينا رحلة الهم والضرب” و الله الموت ارحم من الأساتذة “” والله أحسنلى أبطل” “هو إحنا رايحيين ننضرب” ” صرنا بنكره المدرسة بدناش نروح” ما بكفي” لا ملابس جديدة ولا دفاتر ولا مصروف” كمان “الضرب من أول يوم “عبارات نطق بها الطفل هاني ذو الثانية عشر من العمر جايبين إلنا كمان مدرسين جداد بس” شتم وسب وضرب هاذي شغلتهم “.
ليس هانى فقط من تلفظ بتلك الكلمات والعبارات بل كان هناك يوسف , و أحمد, ومى, وحنين, ونعمة وابتسام, وتمارا .والكثير من الأطفال و الكثير من العبارات التي تشعر عندما تستمع لها بمدى الألم والحزن والمعاناة الحقيقية .
عندما دخلنا الى المدرسة وجدت كم كان الأطفال محقين في وصفهم لبعض من المدرسين/ات العصا باليد وكأنها خلقت لها العيون شاحبة ومتوترة أصواتهم وصرخاتهم تسبق ضحكاتهم ومزاحهم وملاطفتهم للأطفال.
هرع الأطفال عندما شاهدونا التفوا من حولنا يضحكون ويسلمون علينا ينادونا بأسمائنا فى المدرسة من الطوابق العلوية ومن نوافذ الشبابيك يرددون الشعارات التي كنا نطلقها معهم في المركز وقف بعض المدرسين ينظرون لنا و التساؤلات في عيونهم من نحن نكون ؟ وكنت أتمنى أن يسألوا أنفسهم لماذا استقبلنا الأطفال بهذا الشكل وبهذه الحرارة والمحبة لم يتوقف تفكيرى ولو للحظة واحدة عن معاناة هؤلاء الأطفال وعن العصا التي بيد المدرسين شعرت بمدى ما يقع على هؤلاء الأطفال من ظلم وكم هم بحاجة لمن يشعر بهم ويترفق بأوضاعهم ويراعى الفروقات فيما بينهم اشعر بداخلي أصوات تنادى هؤلاء المدرسين………………..
ارحموا أطفالنا أما يكفى ما هم فيه من ألم وهموم حزن وضيق للحال ومعاناة لا تنتهي ؟
ألا يكفيهم أنهم لا يزالون تحت تأثيرات الحرب المدمرة ولن يستطيعوا الخروج منها إلا بعد فترات طويلة وهناك من لن يستطيع ؟
إلا متى ستبقى” سيوفكم “عفوا عصيكم مسلطة على ايدي وأجناب وأرجل هؤلاء الأطفال
إلي متى سيستمر هذا العداء القديم الحديث المستقبلي بين الأطفال و المدرسين وحتى المدراء ؟
ألن نوقف هذه العادات السيئة المتوارثة بين الأجيال ؟
متى يقف العداء بين الطالب و المدرس ؟
ألا تكفى معاناة من سبقونا إلا من لحقوا بنا ايضا .
اى تربية تلك التي نحن نريد لأطفالنا و أي تعليم ؟
انظروا جيدا “التربية والتعليم ” من منهما الأسبق و من ذكر أولا
لن أكتب أكثر من ذلك لقد اختنقت العبارات وكثرت التساؤلات
وعليكم أنتم الإجابة

بقلم” نعمة كنعان”