سبيس نون وغيرها بأطفالنا إلى أين

مقال قصصى “بقلم نعمه الغصين”

شهقت من خوفي وهلعي عندما رأيته يقفز أمامي من أعلى سطح المنزل يرتدى بدله السوبرمان الحمراء و السوداء، وكان هو يردد صرخات أبطال الكرتون وصل إلي الأرض ووصلت إليه في نفس الوقت رفع رأسه وهو يضحك :”كيف يا خالتو ” بكل براءة بدأت أتحسسه ولكن الحمد لله لم يكن به شئ .بكل صراحة رغبت في ضربه في تلك اللحظات من شدة خوفي عليه ” ولكنى لم أفعل ”
كان هذا وسيم ابن الثانية عشر من العمر و التي قامت والدته بشراء بدله السوبرمان له في فترة العيد والتي لم تكن تتخيل أن يستغلها بهذا العمل بل لتشجيعه على الدراسة ولأنه أحبها ويطلب شرائها باستمرار فلم تريد منعه من شئ هو أحبه.استوقفنى لبضع هنيهات ما حدث وفكرت كثيرا إلى أبعد من تلك الحادثة إلى الأسباب وراء تلك السلوكيات التي تمارس من بعض هؤلاء الأطفال .
وسيم كغيره من الأطفال يرافقه الريموت كنترول للتنقل بين الفضائيات الخاصة بالأطفال ،وبالذات” سبيس تون” تلك التي تستهدف الأطفال و المفضلة عندهم هم وأهلهم لانشغالهم بها فترات طويلة من الوقت، وهنا يجب بنا أن نقف قليلاً ونتساءل ؟؟؟؟؟
•هل هي فعلا محطات فضائية مفضلة أو مدمرة؟؟؟
• ماذا كان سيحدث لوسيم و غيره من الأطفال المقلدين لتلك الرسوم المعروضة بتلك الفضائيات وغيرها لو اختل التوازن بهم أو تعرضوا لشئ مفاجئ وهم يحاولون التقليد الأعمى لأبطال تلك القصص الخيالية التي يتابعها الجميع بشغف منقطع النظير ؟؟
• أين هو الخيال و الإبداع في بعض من البرامج التي تبث في المحطات الفضائية ؟
• وهل هي تفسح المجال للأطفال للانطلاق والاكتشاف والتحليل ؟؟؟؟؟
هل وضع القائمون علي تلك الفضائيات و المصممون والمنتجون لتلك البرامج في مقدمه أولوياتهم المصلحة الفضلى للأطفال أم المصلحة الفضلى في التجارة وكم التوزيع والإيرادات العائدة منها ؟؟؟؟؟.
أحاول الإشارة إلى أنه في بعض من تلك الفضائيات المخصصة للأطفال نجد الكثير من عناصر إهدار الوقت وتشتت الجهد الذهني والفكري.
حيث تقع تلك البرامج فى ثلاث مجموعات تحمل في طياتها العديد من الاحتمالات:
المجموعة الأولى: أن تكون غير نافعة حيث أنها مدبلجة باللغة العربية الفصحى التي لا تفهم بالذات من الأطفال اقل من سن المدرسة .
المجموعة الثانية : وهى البرامج المستوردة ذات مضمون العنف و الإثارة
المجموعة الثالثة: البرامج الدينيه والتي تحتاج للشرح المفصل من الأكبر سننا بالشكل الصحيح وبالتالي وجود أحد أفراد الأسرة أثناء مشاهدة الأطفال للتلفزيون بشكل عام .
كذلك أود الإشارة إلى بعض من المشكلات التي قد يعانيها بعض من الأطفال مثل :
المشاكل الصحية :بالذات للعيون و العزف عن تناول الطعام وفقدان الشهية وقتل لخلايا المخ المختصة بالتفكير و تنشيط الذاكرة وغير ذلك من الخلايا الهامة في الدماغ.
المشكلات النفسية: مثل الخوف والقلق والتوتر والأحلام المزعجة والكوابيس الليلية والكبت من تلك القصص و المسلسلات الكرتونية.
المشكلات الإجتماعيه :مثل التفكك الأسرى الناتج من قضاء الوقت الكبير أمام الشاشة بدل احتضان الأهل والتجمع والأحاديث الأسرية الهادفة /التأخر الدراسي و التسرب المدرسي في بعض الأحيان بسبب الخوف من الضرب لعدم تنفيذ الواجب المدرسي ، والكثير من المشكلات الأخرى التي تواجه أطفالنا في الحياة ولا نجد لها مبرر واضح.
إن بعض من تلك البرامج التي تعمل على تنمية العنف واستدعائه باستمرار لذاكره الطفل في تأمله مع من هم حوله ، حتى عندما يحاول الطفل التقليد انه يقوم بتقليد أبطال تلك القصص العنيفة و الذي قد يؤدى بحياة هؤلاء الأطفال كما حدث مع وسيم وغيره الكثير من الأطفال الذين يشاهدون تلك الفضائيات ويقضون الساعات الطويلة أمام شاشات التلفزة بمتابعتها .
ألا يندرج ذلك ضمن إطار العمل علي تشجيع و تنميه ثقافة العنف وترويجها بشكل سافر ومادي ، وأن الشر دائماً القوى المسيطر وان القوة تكمن في الجسد والعضلات وليس في العقل و التفكير وحسن الفطنة و التدبير .
دعونا ننظر معاً من جانب آخر ما هي الفائدة من تلك الفضائيات وماذا يستفيد الطفل من قضاء ساعتين أو ثلاث ساعات بل وأكثر من ذلك في مجتمعنا أمام شاشة التلفاز لمشاهده تلك الرسوم المتحركة و التي تحمل في طياتها قصص الموت والدمار و الخوف و الهلع والتفجير. قصص جميع أبطالها يطيرون بالهواء بحركات بهلوانيه تفجير هنا، وقتل هناك، وموت وضرب وعنف بلا حدود !!!!!
أين الفائدة المنتظرة من قصة مصورة لا تحمل في طياتها أي نوع أو رسالة من أنواع التدعيم أو التشجيع لسلوكيات أو قيمة إيجابيه مرغوب فيها أو الابتعاد عن سلوك غير مرغوب فيه و التي ترقى بهذا الطفل إلي أعلى المستويات .
وإني أعود بتساؤلاتي, أين الدور الذي يقوم به الإعلام في توصيل الثقافة والعمل على نشر الوعي من خلال البرامج الموجهة لهؤلاء الأطفال ؟
أين الرقابة على تلك البرامج ؟
وما مدى تقييمهم للفائدة أو المنفعة أو الأضرار العائدة والمتوقعة منها؟لو كان هناك نوايا للتقييم .
“واني أقول انه لا توجد أي نوايا للتقييم أو أهداف للمنفعة عند البعض بل هنالك عالم رخيص وأسواق ممتلئة بالبضائع والأطفال هم واحدة من تلك السلع التي تباع وتشترى ولكن خلف ستار قوى لا يخترقه إلا القلائل المبصرين “.
وأوجه الإشارة كذلك إلى دور الأسرة في متابعه الأطفال والعمل على التوجيه للبرامج التي تخاطب الحياة الفعلية للأطفال والتي تتناول جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والترفيهية وغيرها !!! هل منكم من يقوم بالجلوس مع الطفل ليرى ما يشاهده !!! هل أنت أيتها الأم منشغلة بمهام كبيرة تدفعك لتقومين بصرف طفلك ودفعه إلي شاشة التلفاز لفترات طويلة كي تؤديها أو
 “حل عني زهقتني بدي أنام روح أتفرج عسبيس تون “
هي أفضل جمله تنطقين بها للتهرب من طفلك لتشغليه عنك .
يكمن الهدف في توجيههم وإرشادهم إلى البرامج و القصص وما شابه ذلك من كل نافع و مفيد و لا تضيعوا وتهدروا وقتهم، بل ابحثوا لهم ومعهم وبحريه في الاختيار و المشاركة وبعيد عن العنف ، عن نادي ثقافي أو رياضي أو ترفيهي ليمارسون فيه أنشطة تعمل على تنشيط الذاكرة و التفكير، وتقوى الجسد والبدن، وتهذب العقل و النفس أو شاهدوا معهم أحد البرامج التي تحمل رسائل تربويه أو تعلميه فأنتم القدوة التي أمامهم وأنتم المكان الذي يشكل البيئة الآمنة لهم ولأفكارهم .
هناك الكثير و الكثير ولكنى ساترك لكم المساحة للتفكير في تلك الأسئلة والرد عليها فانتم أولا وأخيراً المسئولون وبدرجة أولى عن تربية أطفالكم
ً. انظروا فلكم الأعين
فكروا فـلكم العـــقول
أصغوا جيدا فلكم قوة الاستماع للحق